السبت، 23 فبراير 2008

مقال -الادب وثقافة المتلقي

الأدب وثقافة المتلقي
كاظم ابراهيم
لا يستطيع أحد أن ينكر التغيير والتقدم اللذين عمّا بلادنا العربية،علمياً واقتصادياً،وما صحب ذلك من تقنيات ورحلات وتعرّف على ثقافات أجنبية،كل هذا حدث في أقل من ثلاثين عاماً،هذا التغيير وهذا التقدم شملا أيضاً الأدب، فصرنا نرى أدباء ذوي ثقافة ودرجة علمية عاليتين، وصار بإمكاننا أن نصدق أن ثقافة الشاعر محمود درويش على سبيل المثال اعلى من ثقافة المتنبي.
بعض أدبائنا من الرعيل الأول يتذكرون سنوات الستينيات ويتباكون على تلك الايام التي كان بها جمهور يستمع الى الشعر،لكنهم لا يتذكرون أن نسبة الذين كانوا يجيدون القراءة والكتابة لم تكن تتجاوز العشرين بالمئة وأن المثقف كان بالنسبة للناس مثل حلم جميل على وسادة من حجر، فكانوا يحتضنونه ويتوسمون به خيراً، وطبعاً هذا الكلام لا ينفي الدور الريادي والقيادي الذي قام به أدباؤنا من الرعيل الاول، وباعتقادي أن التاريخ سوف يظل يذكر توفيق زياد ورفاقه لما أبدوه من تحد وشجاعة ولغة تصل العقول
التغيير والتقدم اللذان حلا بالأدب كان يجب أن ترافقهما تنظيرات أدبية جديدة تساير وتراعي التطورات الحاصلة ، وبين الفينة والأخرى ينظّر أحدنا فيستخف الآخر بذلك إذ يمثل دور المتلقي.
المتلقي اليوم على خلاف المتلقي قبل أربعين عاماً هو مثقف أكثر،هكذا يُفترض،وعدد المتلقين اليوم هو أكبرمن العدد السابق، ولأن الحياة الأسرية والعملية تطرح أمامنا متطلباتها لذلك نجد الكثير منا يتجه لقراءة ما يفيده في حياته وعمله ، ويبقى جمهور القراء متكوناً بغالبيته من طلاب الجامعات والكليات والثانويات لحاجتهم الى زيادة الثقافة والمعلومات وتقوية الجوانب الفكرية والروحانية.
بديهي أن القراءة هي هواية حرة ونوع من ممارسة الحرية وليس بامكان احد أن يجبر أحداً آخر أن يقرأ، فالقارئ حين يمسك الصحيفة يقرأ ما يشاء ويترك ما يشاء، وبما أن الكاتب أو الشاعر له شخصيته ولغته وانتماؤه وقضاياه فانه بامكان القارئ أن يكتشفه ويكتشف مراميه، واذا اتفق معه بحث عن اسمه في كل صحيفة يمسكها ، واذا اختلف معه فقد يقرأه من باب لنسمع ماذا يقول..،والقارئ الحزين ستعجبه الاشعار الحزينة والقارئ العاشق لا بد سيقرأ لنزار قباني، وهكذا يتفق القارئ مع الكاتب حسب النفسية والعقلية "الطيور على اشكالها تقع " حتى في القراءة والكتابة ، يجب أن لا ننسى أنه بامكان القارئ الكبير أن يقرأ لشاعر لا يشبهه في الظروف والمشاعر ، والسؤال الذي يطرح نفسه –كم قارئاً كبيراً يوجد لدينا؟؟؟؟؟؟
خلاصة القول أن الكتابة الادبية تنتج عن نفسية وثقافة وظروف متباينة ، كذلك الأمر فإن للمتلقين ثقافتهم وظروفهم ونفسياتهم المتباينة.ومن يستطيع ان يحكم على الأدب هو المثقف الموضوعي الذي يرى في النص مادة لها تحليلاتها وتفاعلاتها ومكوناتها.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق