السبت، 23 فبراير 2008

مقالات .كتاب ،حبات مطر

فهم الآخر
مرت أزمات عديدة ومتواصلة على بلادنا، ولم تشهد مدننا وقرانا الهدوء إلا نادرًا. هذه الأزمات سياسية كانت أم اقتصادية أم اجتماعية، انعكست على تصرفات الواحد منا رغب في ذلك أم أبى، فكلنا متضايقون ليس لسبب واحد بل لعدة أسباب، والتوتر كان صفة الجميع ولم ينته عند البعض، ولا يزال يعيش بيننا المتوترون الذين يصعب عليهم فهم الآخر.
وهذه المشكلة هي لب الموضوع، كلنا متوترون وكيف يفهم الواحد منا الآخر؟، الواحد منا ليس متصالحًا أو متسامحًا مع نفسه، فكيف يصالح الآخر ويسامحه؟ حالة التوتر تفقد الإنسان القدرة على الفهم، إذ أنه يصبح منهمكًا في مشكلته الخاصة وبحاجة ماسة إلى من يفهمه وكيف لنا أن نطلب منه أن يفهمنا؟ هكذا يصبح الإنسان المتزن مظلومًا في مجتمع مليء بالصراخ واللكمات، إذ يتوجب عليه أن يفهم المجانين (غير المتزنين) ويراعيهم وإلا دخل هو الآخر إلى عالم المعارك والمواجهات الساخنة وفق المثل البائس "تعال لهم بالصوت قبل ما ييجوك".
لا شك أن المظلوم بحاجة إلى من يفهمه ولكن كيف؟ أليس بإجراء الحوارات وليس الحوار وحده، والمناقشات إذا لم ينفع النقاش الواحد، والتحقيق ومن ثم التحقيقات، وبعدها المعطيات وبعدها الاستنتاجات وبعدها الحلول وبعدها تطبيق حل ما معقول.
عندها نكتشف الحقيقة المرة أننا جميعنا مظلومون بسبب نشأتنا الفقيرة وقلة الموارد وكثرة الضربات على رؤوسنا.. وما علينا إلا أن نتسامح ونصمت كثيرًا وننتظر كثيرًا عندما يوجه أحد المظلومون إلينا إساءة ما..... فالأيام كفيلة أن تنحت الأحجار، فما بالكم بتعليم إنسان لا يعاني من تخلف فسيولوجي.زبدة الكلام، أن نتعاون إذ أمكن، ونفترق إذا كان
أسلم. وطبعًا ليس ضروريًا أن يحبك كل الناس.... فلست أفضل من الأنبياء.
























اليمين واليسار
في فرنسا في عهد الملك لويس الرابع عشر، عندما هبَّ الشعب الفرنسي لأجل خبزه وحريته، اصطف قسم من أعضاء البرلمان إلى يمين الملك لمؤازرته والقسم الآخر وقف إلى يسار الملك مع طموحات الشعب ورغباته، ومنذ ذلك الحين عرف المجتمع الإنساني الأفكار اليمينية التي تنص على تفوق اصحاب رؤوس الاموال الاقطاعيين على سائر قطاعات الشعب وتنص أيضًا على امتيازاتهم الخاصة في مؤسسات الدولة، كما عرف المجتمع الإنساني المفاهيم اليسارية التي تنّص على حقوق العمال ومستحقاتهم وتطالب للعامل بجميع الامتيازات التي يحظى بها الرأسمالي، وفي حالتنا هنا في البلاد يصّر اليمين الإسرائيلي على ضرورة تفوقه وعدم السماح لإمكانية أن تكون الدولة لجميع مواطنيها أن تحدث، كما ويصّر على التمسك ببعض الأراضي التي احتلت عام 67 لسببين الأول اعتقادهم بأنهم يتفوقون على الفلاحين العرب لكونهم دولة عظمى حربيًا والثاني أن الأماكن التي يرغبون التمسك بها تدر عليهم فائدة مادية وقد يكون سبب ثالث وهو أن حيفا ويافا محتلتان أيضًا على رأيهم.
فحين يفهم المرء عقلية اليمين ومفاهيمه يسهل عليه معرفة الأسباب الكامنة وراء التمييز والظلم والاحتلال والمجازر، فقد تجد يمينيًا يعتقد أن حياته تساوي أضعاف أضعاف حياة الفلسطيني ويستطيع المرء أن يثني على اليساريين الإسرائيليين الذين يصرخون بألسنتهم وبأقلامهم أن العربي إنسان مثلهم ويحق له ما يحق لهم، ويدرك المرء عندها أن اليساريين هم الذين يحمون الدولة من الإنفجارات الداخلية والخارجية، ويعرف أن المأساة الإسرائيلية سببها أن الرأسماليين الذين يقفون وراء اليسار في الانتخابات هم يمينيون في حقيقتهم ولا يسمحون لرئيس الحكومة أن يكون كريمًا مع الطبقة العاملة أو مع الأقليات داخل إسرائيل، وإضرابات العجزة وإضرابات الأطباء وموظفي السلطات المحلية لأكبر دليل على تأثيرات الرأسمالية الذين لا يريدون زيادة أجور عمالهم ولا يريدون أن تذهب أموالهم إلى غير الوجهة التي يريدونها.
























زماننا ليس زمان الأنبياء
قد يكون صعبًا أن نقنع إمامًا في غزة أن اليهودي إنسان مثله له جسم مثل جسمه ولكنه يختلف عنه بأفكاره وعقيدته، ويكون صعبًا أيضًا إقناع المتطرفين والمستوطنين أن العرب لهم أفكار مختلفة عن أفكارهم وأنه يجب على الإنسان العاقل أن يتجنب من يتناقض معه في عقيدته، لأن مجرد الاقتراب منه يشعل نار الحرب. نعم جميع البشر في الكرة الأرضية لهم هيئة واحدة، رأس وعنق ويدان وما إلى ذلك من بقية أعضاء الجسم البشري، إلا أن الناس يختلفون في الأفكار والعقائد.
والأفكار والعقائد يتوارثها بنو الإنسان أبًا عن جد، ويفعل التعليم والتثقيف يستطيع الإنسان أن يهذب أفكاره، ولا عجب إذا تشابه مثقفون من شتى الشعوب في الأفكار والعقيدة.
وهنا تجدر الإشارة إلى أن العقيدة في الأساس هي مجموعة من المبادئ والأسس الفكرية تعطي لحاملها طريقة لفهم الحياة، إن التعقيدات الفكرية التي يعيشها أبناء الشرق مردّها إلى الأزمات السياسية والاجتماعية التي عاشها السالفون في زمانهم فلا يستغرب احد منا انه في عصرنا هذا يعيش أناس يعتقدون أنهم في عصر أبو بكر الصديق وينوون القيام بحروب الردة، وأناس في الحقيقة يعيشون حالة من الفصام الفكري الذي يسبب فصامًا نفسيًا وذلك بسبب عدم إدراكهم للبعد الشخصي والبعد الزمني، والبعد المكاني، ونحن ندرك أن محمدًا عليه السلام عاش قبل ما يقارب الألف وخمسمائة سنة، وأن اليهود الذين عاشوا في زمانه قد ماتوا، واليهود الذين يعيشون في أيامنا هذه قسمان، قسم متدين يؤمن بموسى عليه السلام ويؤمن بالتوراة والقسم الآخر علماني يتشبع بآراء الفلاسفة والعلماء والسياسيين، وبين عصر بداية الإسلام ويومنا هذا يمر العصر الأندلسي وعصور أخرى ويجب علينا أن لا نخلط الأزمان ببعضها واتهام الأحياء بغير تهمتهم الحقيقية وهي احتلال ارض عربية ومعاملة العرب بالقسوة والتمييز والفظاظة والاستبداد، ونحن نعرف أننا نحن أيضًا لا نقبل الأجنبي بيننا إلا إذا احترم عقيدتنا، وأنه يجب أن لا تهيج العقيدة بأحدنا فيخرج من دستور الإنسانية. وعلينا بالنقاش.
وجدير ذكره أيضًا أن المستوطنين هم أناس عقيدتهم ساخنة وإحساسهم استعلائي وثقتهم زائدة ونحن نعرف أن المريض النفسي نوعان إما عالي الثقة بالنفس وإما هابط الثقة بالنفس فهل المستوطنون من النوع الأول؟! ونحن نعرف أن السلطة تعتقل أمثالهم من الفلسطينيين وحين يطلق سراحهم قد يكونون بثقة مزعزعة لا يحميهم مجتمعهم كما يحمي المجتمع الإسرائيلي المستوطنين رغم انه أبعدهم ونفاهم إلى المناطق المحتلة بالتطميع والتشجيع، ومن أجلهم لا تزال الحكومة تحارب الشعب الفلسطيني على الرغم من جميع اتفاقيات السلام.











في مناقشة الاحترام
في المنجد العربي، احترمه تعني، هابه ورعى حرمته، وفي لغتنا المحكية عمل له حسابًا وعمل من اجل راحته، وبما أن موضوع الاحترام، يشغل حيزًا كبيرًا في عقليتنا العربية، أحببت أن أسلط بعض الضوء على هذا المفهوم، ألا وهو الاحترام.
من جيل إلى جيل يعلم العرب أبناءهم على احترام الوالدين والخضوع لهم، بينما الدين الإسلامي حث على الإحسان بهم وحسن معاملتهم والعطف عليهم وليس الخضوع لهم، وإلا فكيف يعامل ابن مهذب أباه الفاجر! وفق تقاليدنا كان على الأبناء أن يلتزموا بقرارات أبيهم حسب النهج القبلي دون مناقشة أو فهم ما يحدث أو البحث عن طرق أخرى لمعالجة الموضوع غير التي قررها شيخهم، وقد نجد في القبيلة من هو أفهم من الشيخ الذي يصر على المشيخة التي تعتمد على العصا والنبوت. وحسب تقاليدنا أيضًا على الأخ الصغير أن يخضع للكبير وماذا نقول نحن اليوم إذ رأينا أن الكبير قد لا يكون أفهم إخوته أو أقدرهم. وهل يجب أن نحترم من يفرض علينا احترامه؟
وهل يجب علينا أن نحترم القوي أم العاقل؟ أن نحترم الكبير في السن أم ألفهيم؟ أن نحترم الأزعر أم المهذب؟! أم نهذب أنفسنا على احترام الجميع بمعنى أن نهابهم ونتقي شرهم؟! أم علينا أن نحترم القوانين السماوية والقوانين الدولية، فلا نعتدي على أحد ولا نسمح لأحد أن يعتدي علينا، وهذا هو الصواب. وفي الختام يبدو واضحًا أننا نحترم الأشخاص الذين يستحقون الاحترام حسب معلوماتنا المسبقة عن الاحترام أما حين نتجنب شخصًا فهذا لا يعني أننا نحترمه ونقدره بل أن التجنب يعني التحفظ وسلوك درب السلامة، ونحن نرى الكثير من الشخصيات البارزة التي تحرص بشتى الوسائل الأدبية وغير الأدبية من اجل الحفاظ على هيبتها، فنرى من يحترم هذه الشخصيات طمعًا وخوفًا ونرى من يتجنبهم. وفي مجتمعنا لا ينعدم من يتصدى لهم إذا أخطأوا.

























الانتباه للكلام
إذا التقى عربي لا يعرف غير العربية رجلاً فرنسيًا لا يعرف غير الفرنسية، وأرادا التحادث، حتمًا سيفشلان في استعمال الكلام وسيلة للتفاهم وسيختاران لغة الإشارة (لغة الصم)، أسوق هذا المثال للدلالة والتعريف أن الكلام وسيلة، ومن كان هدفه أن يتكلم دون أن يؤدي كلامه إلى شيء ما،يكون عبثياً، والعبث كما نعرف هو العمل دون سبب ودون هدف، سوى تمرير الوقت. والعبث يشبه اللعب، ولكن اللعب به مباريات وسباقات.
نحن في كلامنا نستطيع –إذا أردنا- أن نشجع زيدًا وأن نهّبط عزيمة عمرو. ونستطيع أن نواسي ونستطيع أن نشتم، نستطيع أن نقصّ قصصًا بها مغازٍ وعبر من اجل تقويم السلوك، ونستطيع أن نلقي على مسامع الآخرين نشرة أخبار حاراتية، وبواسطة الكلام نسأل ونجيب، ونخبر ونفسّر ونسرد أحداث القصة، واستعمالات الكلام كثيرة منها إزعاج الآخرين بالتحدث عن عيوبهم أو عيوب أحبابهم ومنها أيضًا لقهر الآخرين، وكل واحد منا يعرف في قرارة نفسه لماذا تحدث وتكلم، وهذا الأمر، يسوقنا إلى المراوغ السياسي (الديماجوج) الذي يتسلح بالكلام، فنسمعه يسرد علينا وقائع حقيقية حدثت بساعة زمنية ليمرر علينا بعد ذلك كذبته أو ليقول لنا أنه يعرف تاريخ، ومن منا يتيقظ للمحاضرات السياسية؟؟ أو للكلام "ألفاضي" ؟؟





حدود المعرفة الشخصية
لا زلت أذكر أبي ودكانه الذي كان بمثابة مجلس للأفاضل من أمثاله وأذكره الآن بالذات إذ أتناول موضوع المعرفة الشخصية، أي معرفة الأشخاص لبعضهم البعض، حيث أذكر هؤلاء الأفاضل الذين لم تكن لديهم قصص للإخفاء عن الأصدقاء، وكانت كل حكاياتهم في حلقة التداول والنقاش، وكانوا يعرفون بعضهم معرفة تخوّل الواحد منهم أن يجيب بدل الآخر، وكانوا نظيفي السيرة ، الأمر الذي جعلهم منفتحين أمام القريب والغريب ولم ينحرفوا ،الأمر الذي جعلهم لا يخافون كلام الناس، عرفتهم في السبعينيات وعرفت عنهم أنهم يعرفون بعضهم معرفة جيدة، واليوم ونحن في عام ألفين، والقرية أصبحت مدينة، وأصبح الانتقال من مكان لآخر أسهل وأسرع، وصار الناس يتكلمون لغات أخرى غير العربية، وبعض الناس تعلم الكذب والنصب والاحتيال والاستغلال، اليوم اصبحنا نرى شخصًا يجاملنا في مناسباتنا، ويكلمنا بلطف، ونحن لا نعرف أنه وراء ظهورنا يسكر ويعربد، أو يزني أو يقامر، أو يسرق وينهب أو يكّن لنا البغضاء، أو يتاجر بنا سياسيًا، ويفعل كل هذا وراء ظهورنا وهو يظهر أمامنا كأنه المهدي المنتظر. وأحيانًا نجد أن أخًا لا يعرف ماذا يفعل أخوه عندما يخرج من البيت أو أبًا لا يعرف ماذا يفعل ابنه، فنعرف أن القريب قد لا يعرف قريبه، إن كان لا يلتقيه ولا يحادثه.
حتى نعرف أي إنسان من ناحية سلوكية أو عقلية علينا أن نكون قريبين من أفعاله ومن أقواله وأن لا نكتفي بمعرفة شكله، وهنا تجدر الإشارة إلى أن الشخص الذي يصبو إلى المناصب الرفيعة تتقصّى الناس أخباره. وعادة نتقصّى أخبار من يهمنا أمره، والذي لا يهمنا أمره عيب علينا أن نتقصى أخباره، ومن السذاجة أن نقصَّ أخبار أقربائنا أو أصدقائنا لمن قد يوقع بهم، لان من يعرف الشخص يجيد التعامل معه، أمامنا شارة صفراء تقول: احذر من لا تعرف، وشارة حمراء تقول: لا تكن ساذجًا! وشارة خضراء تقول: سر في طريق الحق والخير لأنه الصراط المستقيم.

























قضيتنا بسيطة
هل قضية الشعب الفلسطيني هي حقًا قضية معقدة؟ أم أنها مشكلة بسيطة؟ هل هي صغيرة؟ أم كبيرة؟
وقد قالت العرب: "كبّرها بتكبر وصغّرها بتصغر"، وما نراه اليوم أن المعلقين السياسيين والسياسيين المعلقين يكبرّونها أكثر من اللازم، فلقد أراد آباء المنظمة الصهيونية منذ البداية التستر خلف المتدينين اليهود ليثبتوا للعالم حقًا تاريخًا من ألفي عام، ولا زالت المؤسسة الصهيونية حتى يومنا هذا تدفع مخصصات تأمين وطني لتلاميذ التوراة، وكانت تريد أن يكون الصراع دينيًا .والحقيقة انه صراع اقتصادي "استعماري" رغم بعديه الديني والقومي.هذه الحقيقة يعرفها معظم سكان البلاد ولكنهم لا ينطقون أو يصرحون بها خوفًا من سياط السلطة التي قد تمس المكافح في نفسيته كما في جسده، وهي الحقيقة التي تبيّن تحالف الصهيونية منذ الحرب العالمية الأولى مع الحلفاء ضد ألمانيا وايطاليا وتركيا والمفتي المقدسي وتبيّن أيضًا أنهم كانوا أصحاب رؤوس أموال وكان الاستعمار في ذلك الحين موضة أوروبية .فلسطين "أرض بلا شعب وعليها أن تكون لشعب بلا أرض"، كما كانوا يدّعون ومنذ قدوم الصهاينة إلى فلسطين صار لشعبنا قضية اسمها قضية الشعب الفلسطيني، والكل يعرف انه لو أحسن القادمون التعامل مع الفلسطينيين لما قاومتهم الجماهير الشعبية، ونحن حين نتذكر مخاتيرنا وزعماء حارتنا في عام النكبة والأعوام التي تلت ذلك نعرف أنهم كانوا يحبون الانتفاع والاستفادة ،ولكنهم استسلموا بعدما مرت قوافل المشردين والمهجرين من قراهم، ولكن العجيب الغريب أن الإداريين الإسرائيليين لم يغيّروا أساليب تعاملهم مع العرب على الرغم من أن العرب الموجودين اليوم يختلفون عن العرب الذين عاشوا في سنوات الخمسين والستين، والفوارق كبيرة جدًا، فنحن اليوم نحترم المنطق السليم، والتأثير بواسطة الإقناع الإنساني وليس بالهدم والحرمان، ونحن اليوم نعرف أن قضيتنا بسيطة وليست معقدة وهي أننا عرب ،عمال وموظفون ومدراء عند الصهيوني ونطالب منه بحزم أن يحترم حقوقنا الإنسانية ولا يهضمها، وشعبنا في الضفة والقطاع هو أيضًا قضيتة بسيطة، ويتطلب حلّها انسحاب إسرائيل من الأراضي المحتلة كما ينصّان قرارا الأمم المتحدة 242 و 338 من أجل تنفيذ قرار 181 المُقسّم للبلاد.
وبسيطة أيضًا قضية اللاجئين، وحلّها عودة من يريد العودة وتعويض من يريد التعويض، وقضية مدينة القدس القديمة داخل الأسوار بسيطة هي أيضًا، حيث يجب أن يدير هذه المنطقة مجلس ديني يمثل جميع الطوائف ينتخب له رئيسًا مرة كل أربع سنوات ويكون لكل طائفة إدارة ذاتية ويهتم المجلس بأمور المدينة العامة ويكون مستقلاً بمدخولاته ومصروفاته ولكل طائفة أمنها وحسابها الخاص، أما إذا أردنا تعقيد المسألة وتكبيرها فما علينا إلا أن نسمع السياسيين وموظفيهم.










الحكم جزئيًا
كان ولا زال الحكم من اختصاص القضاة، ولكن النهضة الثقافية في بلادنا، أفرزت لنا عددًا من المثقفين وأشباه المثقفين وأنصاف وربما أرباع المثقفين، وكلهم يحكمون على الآخرين ولا أرى في الحكم ضيرًا إذا اعتمد على مقاييس تتسم بالإنسانية والمثل العليا الأمر الذي قد نفقده أحيانًا في محكمة العدل العليا حين تكون الفكرة الصهيونية هي الاعتبار الأهم.
في مجتمعنا يختلط الحابل بالنابل فلا نكاد تعرف الصادق من الكاذب والحقيقي من المزيف أو المدعي وعلينا أن نحقق حتى نتأكد، والإنسان العلمي من يتحقق ويتأكد.
المجتمع الإسرائيلي بشكل عام خليط صعب من الجوهر والمنظر وترى الجميع يقعون في المطبات خاصة عندما يحكمون على الآخر نتيجة لموقف واحد ووحيد، وهذا هو الحكم الجزئي وما أسوأه.
الموقف له زمانه ومكانه وأسبابه وأهدافه ولكل منا عدة مواقف في اليوم الواحد مع أشخاص متغيرين وبما انني املك قبعة أدبية اسمحوا لي أن ادعي أن النص الأدبي هو أيضًا عبارة عن موقف، وإن الناقد الذي يحترم نفسه يحكم على الشاعر بعد قراءة أكثر من عشرين نصًا للشاعر ذاته، فإجحاف أن نحكم على الشاعر بناء على نص واحد أو موقف واحد وإذا فعلنا فإننا نبتعد عن الموضوعية هذه القيمة العليا التي نريدها جميعًا.
وماذا نقول عن زيد الذي يعادي عمرو بسبب موقف سيء حدث بعد خمسين موقفًا إيجابيًا، سنقول أنه ابتعد عن التسامح، هذه القيمة العليا التي نريدها جميعًا.




تعامل لقوي مع الضعيف
عندما تبدأ الأحداث يبدأ الكلام، وعادةً يكون الكلام إعلام من لا يعلم أو التعليق وما يتضمنه التعليق من تأييد أو استنكار، والقليل من الناس يعمد إلى تحليل الأحداث، لأن مهمة التحليل تحتاج إلى ثقافة معينة لا يتمتع بها الجميع، قد يكون القوي هو الكبير في السن أمام الصغير، وقد يكون الحاكم أما المواطن وقد يكون الغني أمام الفقير، وبإمكاننا دائمًا النظر إلى الحدث على انه مشكلة بين من هو قوي ومن هو ضعيف، وهكذا هو مجتمعنا، وهكذا هي باقي المجتمعات درجٌ فيه عدة درجات وفي كل درجة يقف بعض الناس، فالذي يقف في الدرجة الأولى يتفوق على باقي الدرجات في شتى وسائل القوة، المال والسلاح وفي المال بإمكانه أيضًا استخدام الخبراء، وفي فلسفة التنظيم يسمون هذه الدرجات بالهرم حيث يقف رئيس الدولة أو الحكومة على رأس الهرم والعمال البسطاء يشكلون قاعدة الهرم، وهذا الأمر يحدث في شتى دول العالم، وفي شتى دول العالم أيضًا لا يجلس رئيس الدولة في المقهى ليشرب فنجان قهوة مع عامل ما، بل فإن الرؤساء يحبذون الجلوس مع الرؤساء ويفضلون عدم الجلوس مع الوزراء والوزراء بدورهم لا يصاحبون رؤساء البلديات، ورؤساء البلديات بصعوبة يجتمعون مع أعيان المدينة، وهذه الفوارق الإدارية، بين المدير والموظف، والفوارق الاجتماعية، بين البارز والمغمور، والفوارق الاقتصادية، والفوارق العنصرية، وباقي أنواع الفوارق تجعل الوحدة بين سكان الدولة أصعبً بسبب القوة التي يملكها الطرف المسيطر ولكن يمكن حدوثها إذا عطف القوي على الضعيف والوحدة بين الدول أصعب ، أو على الأصح بين الدول العربية الغنية والفقيرة، وعلينا أن نخط خطًا تحت جملة يمكن حدوثها إذا عطف القوي على الضعيف.

بحث عن المعرفة
هذه الحياة الجميلة العنيدة، الحرة المقيدة، الواهبة المانعة، المليئة بالألفة والغربة، أرافقها منذ ما يزيد على أربعين عامًا، ولم أشعر حتى الآن أنني أعرفها، نعم أعرف وجوهًا لها ولكنني ما زلت أتعرف على وجوه أخرى للحياة ولنا.
الواحد منا له روح وجسد، والجسد كأنه إحدى الأشجار المنتصبة أما روح الشجرة فعلمها عند ربي، وروح الإنسان في لغة الأدب كل ما يحيط الجسد من سيرة ذاتية قولاً وعملاً، حضورًا وغيابًا ومن منا يعرف السيرة الذاتية للآخر، ومن هذا الذي لا يعرف سيرته الذاتية إن لم يكن فاقد الوعي، وما هو الوعي إن لم يكن معلوماتنا وأحاسيسنا، وهل من أستاذ يعرف شغل الدماغ وباقي أعضاء الجسم ليعلمنا أن الإبداع هو أعلى وظيفة للعقل وأن العقل هو الدماغ المسيطر في واقع متغير.
يوماً بعد يوم ، أراني بحاجة الى الإطراق في التفكير عامة والتحليل خاصة لأفهم الأسباب والدوافع لتصرفات هذا القريب أو ذاك الصديق وأسأل نفسي هل حقاً أنا أعرف قريبي.











عاداتنا إلى أين؟
معروف في علم الاجتماع أن حضارة المجتمع تتكون من لغته وصناعة أهله وعاداتهم وتقاليدهم ورموزهم وأناشيدهم وكل ما يميزهم عن مجتمع آخر، ومعروف أيضًا من سجلات التاريخ والآثار أن المجتمع المدني قديم جدًا وإن أهرامات مصر يعود تاريخها إلى ما قبل سبع آلاف سنة، وليس جديدًا أن المجتمع في أي زمان أو أي مكان يتخذ لنفسه عادات تقلدها الأجيال اللاحقة ،وواضح من أين جاء اسم تقاليد.
كان لا بد من هذه المقدمة لنعرف أن وراء كل عادة ضرورتها ولزومها ولكن مع مرور الوقت وبسبب الفهم الخاطئ لها تبدو العادات وكأنها تفقد معناها ولكي أوضح ما أقول أكتفي بمثالين الأول: هو نقوط العريس هذه العادة التي سنها المجتمع لمساعدة العريس فقد أصبحنا نلاحظ المباهاة في كثرة الحضور مقابل قلتهم ومصطلح مثل "القرضة والدين" وأن يساعد الرجل الفقير العريس الغني من هنا ندرك أن النقوط فقد معنى المساعدة الذي سن لأجله والمثال الثاني هو الإقبال على بيوت الأجر سواء لنا علاقة مع أهل الفقيد أم لا، ويصعب الفهم لماذا لا يصافح المعزي صديقه الذي فقد عزيزًا ويقول له كلمة تطيب خاطره ولماذا نذهب لبيت أجر ليس لنا به صديق أو قريب من أهل الفقيد وهل جميعنا نريد الزعامة فنجامل من نعرف ومن لا نعرف؟





الحاجة إلى المقالات
من منّا يذكر بلده قبل ثلاثين سنة أو عشرين سنة أو عشرة سنوات، بإمكانه أن يستنتج أن بلده لا يزال في طور البناء عمرانيًا واقتصاديًا واجتماعيًا وسياسيًا رغم أن الدكتور والمهندس والمحامي قد يجلسون مكان المخاتير في إدارة شؤون البلد.
إن من عمره مئة عام بإمكانه أن يحدثنا عن الحياة البدائية والجهل إبان الحكم العثماني ولن يغفل عن ذهنه في يومنا هذا كثرة خريجي الجامعات وفن العمار في البيوت الحديثة، ورغم هذا التقدم ندرك إدراكًا عميقًا أننا نمر في فترة انتقالية ولم نصل الحداثة تمامًا رغم وجود تنظيم للشركات وتنظيم الأحزاب لأن خيوطًا بدائية ما زالت تشدنا على الوراء. وإذا اقتنعنا أننا في مرحلة انتقالية، سهل علينا أن نقتنع أن للصحافة دور هام جدًا في عملية التثقيف الشعبي حتى نجاري المجتمع الأوروبي في مجال احترام الذات ومجال احترام الآخر المختلف وننبذ التصرف غير الأخلاقي من التسلط على الآخر أو التدخل في شئونه الخاصة، وبناء على كل ما ورد نحن بحاجة إلى الصحافة كي تكون منبرًا للمقالات الهادفة البناءة، وعلى الصحافة أن تحترم كتابها وقرّاءها الجديين فالقراء متعطشون للكتابة الجادة والغريب أنهم لا يثنون على الكاتب أو على الصحيفة.








هل تلتقي الأخلاق بالتقدم
واضح أن الإنسان لا يولد فقيرًا أو غنيًا أو لصًا وإنما هذه الصفات يكتسبها الإنسان بعد أن يولد وهي صفات مكتسبة ولا تدخل ضمن الوراثة الجينية أو البيولوجية، إلى هذا الآمر توصل جان جاك روسو عندما قال إن الإنسان يولد صفحة بيضاء والمحيط ينقش عليها أو عليه بعد الولادة.
حين يلاحظ زيد أن معلمه أو مشغلّه يسرق أو ينحرف أيما انحراف كيف بإمكاننا أن نمنع زيدًا من تقليد معلمه أو مشغّله، وعندما يكتشف زيد أن سرّ الغني والثراء هو الاستغلال، ماذا نقول لزيد حتى لا يصبح استغلاليّا.
لا شك أن التربويين يقفون حائرين أمام هذه الإشكاليات، فمن جهة يريدون للأولاد التقدم والرخاء ومن الجهة الأخرى يريدون أن يتمتعوا بالأخلاق الحميدة والقيم العليا، وتكون الإشكاليات حين لا يستطيع الواحد منا أن يتقدم بالطرق الشريفة والنبيلة لأن الأقوياء يرفعون شعار " الغاية تبرر الوسيلة" فيدوسون على القيم والأخلاق من اجل أهدافهم، ويظل الشرفاء يصرخون... ويصفقون للكلام الجميل وللأخلاق الحميدة.









المستنقع
في القرن التاسع عشر، حين كانت بيوت أجدادنا تبنى من الدبش والطين وكانت شوارع قرانا ترابية تغص صيفًا بالغبار وشتاء بالوحل وكان الصبر مكان الجدار، كانت أوروبا وأسيا الصغرى (تركيا) تزدهر ببنايات الرخام والقصور والشوارع المبلطة، ولا شك أن العرب في الشرق الأوسط "ساهموا" في بناء القصور على ضفاف البوسفور من الضرائب التي كانوا يدفعونها للأتراك، وكانت بلادنا بعقودها وطوابينها مستنقعًا على الأوروبيين أن يجففوه تمامًا، كان هذا المستنقع موجودًا قبل النكبة وقد زادته النكبة آلامًا وأمراضًا فوق الآم أجدادنا وأمراضهم، فلم يكن الجهل والفقر يكفيان، حتى جاء الاحتلال والنفي لأبسط حقوق للإنسان، ومنذ ذلك الحين يتمكن البعض منا من الخروج من المستنقع، والذين يخرجون نادرًا ما يساعدون غيرهم من اجل الخروج، ونسمعهم يقولون "أطمس رأس من يحاول الخروج" وكأنهم يعتقدون أن بإمكانهم إيقاف عجلة الزمن ودولاب التقدم.
غريب أمر هذا المستنقع الذي نخرج منه جميعًا، ففيه الفقر يلد فقراً والجهل يلد جهلاً وهيهات يخرج الجميع، فكلما خرج واحد دخله آخر ومن بين الذين يخرجون أناس تسول لهم أنفسهم أن يسيئوا الى المستنقع الذي خرجوا منه، ومن بين الذين يدخلونه أناس شرفاء لا تسمح لهم مروءتهم أن يسكتوا على الباطل، والله يعين الوطني الذي يصر على الإنقاذ والاصلاح وعمل الخير.





التلقائية وضبط النفس
قد نصادف بعض الأشخاص يتصرفون تصرفًا تلقائيًا، بحيث يكون رد فعلهم سريعًا وبدون حساب أو تحسب، هؤلاء الأشخاص أنواع يبرز منها نوعان نوع مؤدب ونوع بعيد عن الأدب فرد فعل المؤدب لطيف سواء أراد التقرب أو الابتعاد ورد فعل الآخر فيه مبالغة في الحالتين.
وبما أن غالبية مجتمعنا تربى بواسطة المقارنة مع شخص آخر أي تربّى على تقليد شخص يجب أن يكون مثله، نجد الزيف والتقليد على الشمال وعلى اليمين ، في حين كان على الإنسان أن يعرف نفسه أولاً وماذا يحتاج وماذا يرغب ويبني لنفسه شخصية مستقلة، وليس ضروريًا أن يبنيها وفق الذات العليا التي يقلدها وينصاع لها بل بشكل مستقل. فالفردية المنتشرة في الغرب هي تتويج لبناء الذات المستقلة.
إن الظروف التي عشناها والتي نعيشها لا تسمح لنا بان نكون تلقائيين وعلينا أن نضبط أنفسنا ونتحكم بردود أفعالنا، وليس ضروريًا أن "نزّمر" لمن يعترض طريقنا في حين أننا نستطيع أن ندعس على الفرامل "بريك"، وعلينا أن نفكر ونحسب رد فعلنا بحساب يعود علينا بالفائدة آجلاً أم عاجلاً، وعلينا أن نعرف أنه بإمكاننا التحكم في رد فعلنا الذي من الممكن أن يكون لا شيء أو الصمت.








النظرة العينية
تمييزًا عن النظرة الكلية التي ننظر بها إلى الكل أو إلى المجتمع بأسره، فإن النظرة العينية هي التي ننظر بها إلى أحد الأجزاء أو إلى فرد معين في المجتمع، ومن المؤسف حقًا لدى معظم الناس أن ظاهرة التعميم والحكم على الكل منتشرة في بلادنا كانتشار العنف الموروث اكتسابًا. وليس من حقي ككاتب أن أضع الحلول للقارئ ولكن واجبي الإنساني هو عرض الأمور كما أراها في بصري وبصيرتي فيجد كل إنسان المنطق الذي يقتنع به، ومن هذه الأمور التي أعرضها في موضوع النظرتين الكلية والعينية، إن الحركة الإسلامية متهمة بالانتماء للجهاد العالمي، وإن الغرب عدو المسلمين، وأن الزعماء لا يراعون شعوبهم، وإن حزب العمل أفضل من الليكود، وإن الليكود أفضل من حزب العمل، وأحكام أخرى كثيرة نسمعها في الشارع الإسرائيلي تنتمي جميعها إلى مجموعة الأحكام الارتجالية التعميمية البعيدة عن الدقة والصواب حتى وان كانت تستند إلى إحصائيات علمية لأننا نعرف أن في بلادنا لا يوجد رأي يوافق عليه 100% من الأشخاص من نفس المجموعة،لذلك فالنظرة العينية إلى الشخص الذي تكلم أو فعل هي أصدق من النظرة إلى المجموعة التي ينتمي إليها، ومن الأصدق أيضًا التصدي له شخصيًا وليس لمجموعته، حتى لو كانت فئة من مجموعته تتعاطف معه وتدافع عنه لأسبابها الخاصة فوراء الحدث عادة يقف شخص واحد فقط يكون بمثابة مدير الحدث.








الإنتماءات الضيقة
بداية أعتقد أن بعض التفاصيل التاريخية يجب أن يعرفها كل مواطن في بلادنا ولا يجب أن تقتصر على المتخصصين في التاريخ، ومن هذه الأمور الترتيبات التي أجريت عام 49 إبان قيام دولة إسرائيل"اتفاقية رودس "والتي تفيد أن الضفة الغربية وضعت تحت رعاية الأردن وقطاع غزة تحت حماية مصر والمثلث تحت حماية إسرائيل إلى حين يستطيع الشعب الفلسطيني أن يتمكن من تقرير مصيره، وقد قرر أهالي المثلث وفق استطلاع للرأي أجري مؤخرًا تفضيل السلطة الإسرائيلية على السلطة الفلسطينية، ويستطيع الباحث معرفة أسباب هذا التفضيل وتلخيصها، أولاً الربح المادي ثانيًا "الديمقراطية"! وثالثًا الارتباطات مع دولة إسرائيل! ورابعًا وخامسًا وسادسًا ، وإسرائيل أيضًا بحاجة إلينا لأسبابها الخاصة، ولا عجب.
أمر آخر أراه مشوشًا لدى الناس وليس واضحًا سؤال القومية العربية، فماذا يعني أن أكون عربيًا أو أكون عبريًا وهل تكفي لغة الإنسان لتحديد قوميته ونحن نعرف أن الديانة لا ترتبط أحيانًا باللغة القومية، فكثيرون هم اليهود الذين لغتهم الأم عربية وكثيرون هم المسلمون الذين لا يتكلمون العربية فما هي إذًا القومية العربية خاصة وأن القومية العربية مرتبطة ارتباطًا وثيقًا بالدين الإسلامي، كما وإن المسيحيين العرب مرتبطون جدًا بالقومية العربية وميشيل عفلق مؤسس حزب البعث أكبر شاهد على ذلك ولا ننسى بعض الدروز؟!
في الشرق الأوسط بالذات يختلط الحابل بالنابل وصعب أن نعرف الصادق من الكاذب، ولكننا نعرف أن الممارسات اليومية تحدد هوية الإنسان، ومع مرور الوقت أصبحنا نعرف الفوارق الاقتصادية أكثر مما نعرف الفوارق القومية، وإخلاصي لأهل بلدي يجعلني أقول لهم أن فقراء الشعوب تتخاصم ويقتلون بعضهم ويدافعون عن انتماءاتهم الضيقة ، أما أغنياء الشعوب فتربطهم الصداقات والمصالح التجارية على اليمين وعلى الشمال ويجب علينا أن نحك رؤوسنا قليلاً فالمسلمون لو يطلعون على الوصايا العشر سيجدون أنهم يؤمنون بجميعها ما عدا واحدة وهي الاستراحة يوم السبت، رعانا الله ماذا أصابنا وماذا حل بنا؟!! وماذا يعني الانتماء لمن لا يعرف طعم الحياة؟ وهل نتخلى عن موروثنا الحضاري؟ ولماذا؟


















الحلال والحرام الاجتماعيين
أزداد قناعة يومًا بعد يوم أن ما يفيد الإنسان عاجلاً أو أجلاً هو الخير والحلال وأن ما يضُّر الإنسان سواء في المستقبل القريب أو في المستقبل البعيد هو الشرُّ والحرام، وأعتقد أيضًا أن قناعتي هذه مستوحاة من رسالات الانبياء، كما واعتقد أن الذين في قلوبهم غشاوة لا يقتنعون بهذا الكلام، ونحن نعرف أن المؤمنين في الديانات السماوية يطمحون لدخول الجنة ويتمنون الابتعاد عن جهنم .الجنةوالنار هما الأفقان اللذان ينظر المؤمن إليهما، وواضح أن الجنة هي جزاء العمل الصالح والمفيد والنار جزاء العمل الطالح المضر وأن الجنة للترغيب والنار للتخويف، وواضح أيضًا أن بني الإنسان بحاجة إلى العمل الصالح من أجل استمرارية الوجود الإنساني على الأرض وتقدمه، وبين بني الإنسان يوجد من يؤمنون بأن الله خلق الإنسان حتى يرى قدرته على مخلوقه.
فلو قارنا الجنة والنار بالنظريات التربوية الحديثة لوجدنا تشابهًا بينها وبين العصا والجزرة ، حيث كل منهما يرسم لنا الطريق الذي علينا أن نسير عليه، ومن يخطئ يعاقب ومن يحسن يثاب، وفرق كبير جدًا بين الله الغفور الرحيم الذي يغفر كل الذنوب ما عدا الإشراك به وبين بعض حكام الدول الذين لم يغفروا ولا يغفرون وربما لن يغفروا لمن ناضلوا من أجل قيم عليا كالحرية والمساواة والعدل، ولا يزالون يقبعون في سجونهم اللعينة، ليس من اجل تربيتهم على طريق الصواب بل من اجل الانتقام منهم وأيضًا من أجل تخويف الآخرين لئلا يسلكوا درب النضال والدفاع عن القيم العليا، ما يفسح المجال للظالمين والباغين أن يستمروا في همجيتهم، والتاريخ يثبت أن بعض القيادات السياسية الهمجية تبيح المجازر الإنسانية ولا تولي أهمية لحياة الناس المختلفين عنهم، ولا يجب التذكير بالنازية والفاشية لمعرفة من يفعل هذا، والواقع يثبت أن القوة ليس حكرًا على الأشرار بل يتمتع بها الصالحون أكثر، وعلينا أن نعبر الطرق الوعرة والموحلة من اجل حياة أفضل.























النطق وإخراج الكلام
من أحاديث الرسول العربي محمد صلوات الله عليه وسلم حديث مفادة أن الحكمة ضالة المؤمن ومعناه أن الإنسان الذي يؤمن بقدرة الخالق يبحث دائمًا عن الحكمة حتى تصلح خطواته في الحياة، ونحن الناس الذين يتنفسون من نشرات الأخبار نسمع ما هبّ ودبّ من تصريحات المسؤولين وغير المسؤولين، فيرتفع ضغط دمنا ويهبط بالتناسب الطردي للتصريح الأحمق وللتصريح الذكي، ونحن نعرف أن وراء كل زعيم مريدوه وبالطبع يتلقفون كلامه ويعيدونه لمن لم يسمع.
من التصريحات الحمقاء التي سمعتها مؤخرًا تصريح للنائب افغيدور ليبرمان إذ قال بان الأغبياء يتعلمون من أخطائهم، أما الحكماء فيتعلمون من أخطاء الآخرين.وسؤالي له: هل يوجد إنسان على وجه الأرض لم يخطئ أو لم يتعلم من أخطائه؟. وماذا يقول عن نفسه حين لا يعتبر الشعب الفلسطيني مثل شعبه من الناحية الإنسانية ويحق له ما يحق لشعبه، وكأنه أيضًا لا يريد أن يتعلم من أخطائه حتى لا يكون غبيًا.
ومن التصريحات الذكية التي سمعتها تصريح شمعون بيرس، إذ قال بأننا نستطيع أن نحكم على الإنسان كيف كان بالماضي وكيف هو بالحاضر ولكننا لا نستطيع أن نحكم عليه كيف يكون بالمستقبل، وواضح لماذا اعتبره ذكياً، لأننا لا نعرف المستقبل وطبعًا ولله غيب السموات والأرض. وفي بلادنا نلاحظ خبراء الكلام يروّجون للأحداث ويحللونها وفق مصلحتهم المزعومة ناسين انه يحق للآخرين ما يحق لهم من الترويج والتحليل .لذلك فالصدق والواقعية والعقلانية امور ضرورية جداً قبل الشروع بالكلام.
لذلك على جميع الصحفيين والسياسيين أن يفكروا إلى ماذا يؤدي كلامهم قبل أن يخرجوه.

حديقة حضارات !
الصراع العربي الإسرائيلي الذي بدأ منذ أن سيطر اليهود على قسم كبير من الأراضي الفلسطينية، مع مرور الوقت، اخذ أبعادًا متعددة غير بُعد السيطرة، وذلك بسبب الالتقاء اللا مبرمج بين حضارتين مختلفتين، تبحث كل منهما من اجل إحياء ذاتها، فالحضارة اليهودية بعد ألفي عام من الشتات بعثت من جديد إذ بعثت اللغة العبرية في بداية القرن الماضي، وفي بداية القرن الماضي أيضًا بعد انهيار الدولة العثمانية بدأ العرب بإحياء القومية العربية والدين الإسلامي بعد أن انتهى عصر الانحطاط حين كان العرب محرومين من التعليم الأمر الذي أدى الى كثرة الأميين أما الأتراك فلم يعرفوا اللغة العربية رغم اسلامهم ولم يفقهوا كلمات القرآن الكريم.
لا شك أن بلادنا اليوم هي حديقة للحضارات، فالقادمون الجدد يأتون من كل حدب وصوب، ويرقصون شتى أنواع الرقصات ويتكلمون عشرين لغة وتتضح هنا القروق الثقافية والحضارية، خاصة وان الأشكناز الذين قدموا في الأفواج الأولى كانوا متعلمين وأثرياء في حين كان الفلاحون الفلسطينيون يعتاشون مما تنتجه الأرض وكانت نسبة الذين يجيدون القراءة والكتابة لا تتجاوز العشرة بالمئة من الرجال، وهنا يظهر البعد الاقتصادي حيث نرى الفقراء أمام الأغنياء وإمكانية الخضوع من اجل الحياة أما الفرق الأهم كان الفكري والفلسفي إذ يعتقد الاشكناز بالأفكار المادية والوجودية ويعتقد العرب والمسلمون بقدرة الخالق الوهاب الرزاق ولا يخافون من المستقبل لأن الله سبحانه وتعالى هو صانع القضاء والقدر ولا مرّد لقضاء الله، بينما الاشكناز الذين يخططون لأهدافهم وينفذونها يودون لو يضعون المستقبل على كفوفهم ويغلقون عليه بخزائنهم فيصلون بذلك إلى ذروة العنجهية والجنون، فكيف يستطيع إنسان أن يقبض على شيء مجهول؟
يريدون من الشعب الفلسطيني ضمانات مستقبلية، ولا يفكرون في كيفية تعويض الشعب الفلسطيني من اجل مصالحته، يريدون أن يخضع الشعب الفلسطيني لآلة القمع الإسرائيلية والعالم راقب بالبث المباشر ما حدث ويحدث على الساحة بسبب التطور الالكتروني.
إن أسوأ ما يفكر به الإسرائيليون هو الاعتقاد أن الصراع العربي الإسرائيلي لن ينتهي أبدًا، وهذا التفكير أيضًا هو ضرب من ضروب الجنون، إذ علينا جميعًا عربًا ويهودًا التفكير في كيفية إنهاء الصراع ومن ثم إنهائه حتى لا تكون حديقة الحضارات حديقة حيوانات.

















الحرية المطلقة
لا أدعي حين أتكلم عن الحرية أنني أنقل أقوال الفلاسفة أو أنني أضع تعريفًا جديدًا للحرية، والحقيقة أنني أكتب ما استطعت فهمه عن الحرية، بمعنى آخر، أكتب مفهومي الخاص عن الحرية، ومن يقرأ المقال من حقه الاعتراض بالأسلوب الأدبي ومن حقي أن أرد أو أن لا أرد.
أعتقد أن الإنسان يستطيع أن يمارس حريته فقط عندما يكون لوحده أو على نفسه وليس على الآخرين، إذ أن المسّ بالآخرين هو بمثابة تعد ،إلا إذا سمح له الآخر بمسه، وأرى أن الإنسان يملك الحرية عندما تكون أمامه خيارات وعليه أن يختار أو لا يختار، وفي مجتمعنا ليس الكل يملك حرية الاختيار، إن وجود الإنسان في أي مجتمع بشري يلزمه أن يتقيد بقوانين المجتمع الذي يعيش فيه، وواضح أن كل جماعة لها قوانينها، أما أن يملك الإنسان حريته المطلقة حيث يقول ما يريد ويفعل ما يريد دون أن يحسب حسابًا للناس الذي يحيطون به فإنه بذلك يبلغ الجنون، حيث المجانين وحدهم يتمتعون بالحرية المطلقة التي لا تعتبر وجودًا للآخر، أما من يحسب حسابًا للآخر الذي يتعامل معه فإنه يتصرف بدبلوماسية حيث أن الدبلوماسية هي معرفة التعامل مع الآخر دون مضايقته.







الإنبطاحية
قال لي احد المسلمين الأفاضل أن الله سبحانه وتعالى رفع الناس بعضهم فوق بعض درجات حتى يكون الواحد فينا مسؤولاً (سيّدًا) على الآخر فلم أجبّه وتغيّر موضوع الحديث والحقيقة التي نعرفها جميعًا أن سبحانه وتعالى لم يخلق الناس مجموعة واحدة ليقسمهم، ولكن كل واحد منا ولد لعائلة معينة بصفات معينة وكل واحد كبر ويكبر في ظروفه الخاصة التي تختلف عن ظروف الآخر وطبعًا لكل واحد منا اجتهاده الخاص وأصدقاؤه الخاصون وأعداؤه الخاصون، فيكفي أن يكون لك موقف حتى يكون لك أعداء ويكون لك أصدقاء. والصحيح أن الله سبحانه وتعالى فرّق أولاً بين ظروف الأشخاص وطبعًا له حكمة في ذلك والله اعلم بمراده الذي قد يكون حافزًا للسباق وللأمل أو لليأس ولله في خلقه شؤون، ولا ينفك الناس ينظرون إلى بعضهم البعض فإذا غاروا من المتقدم عليهم أرادوا اللحاق به كي يصيروا مثله وإذا حسدوه أرادوا إنزاله عندهم بسبب عجزهم عن اللحاق به، والواحد منا عادة يقيس نفسه بالآخرين ومعظم البارزين في المجتمع يتكئون على الناس، فالأغنياء بدون الناس لا يساوون شيئًا إذ أن الناس هم الذين يعملون ويدفعون مالاً مقابل الحاجيات والخدمات التي يقدمها الاغنياء فإذا لم يأت الناس إلى المتجر فأي تاجر سنرى؟! ورغم ذلك يزاحم الأغنياء الناس العاديين في شتى مجالات الحياة ويريدون أن يتميزوا عن الفقراء بالخدمات التي تقدمها المرافق العامة. وكان عليهم أن يقيموا مشاريع حيوية لقراهم ومدنهن ويؤسسوا الجمعيات الخيرية لدعم الرياضة ودعم الثقافة ودعم الفعاليات الاجتماعية وما زلنا في انتظار تحركهم خاصة أنهم يأخذون من المجتمع ولا يقدمون للمجتمع شيئًا محسوساً. وأقول قولي وكلي ثقة أن بين الأغنياء يوجد من يستطيع بناء مدرسة ويستطيع شق شارع على حسابه وعار كبير أن لا يدفعوا المستحقات لبلديتهم ومجلسهم المحلي، فهذه الانبطاحية يجب أن تنتهي .

























عن الحلم والواقع
بعض الناس يعيشون حلمًا معينًا قد لا يكون دائمًا، بحيث يختفي الحلم ويظهر مجددًا وفقًا للظروف التي يعيشونها. وتوجد علاقة وثيقة بين المعاناة والحلم، فعادة يحلم الفقير بالغنى ويحلم المريض بالشفاء ويحلم المكبوت بالحرية، ولا فرق هنا بين الحلم والأمنية، ومن شدة المعاناة قد يصل الأمر بالبعض أن يحلموا وهم يقظون وهذا ما يسمى أحلام اليقظة حيث يتصرف الشخص بتصرفات ويتكلم بحديث بعيدان عن حقيقته، مثال على ذلك أن يلبس ملابس أنيقة ويكرم النادل وحسابه في البنك يصرخ ويستغيث، وكأن يحمل حقيبة دبلوماسية وهو لا يجيد القراءة، ويصعب التفريق بين الذي يتظاهر وبين الحالم اليقظ بسبب المعاناة، ولو فحصنا محيطنا لوجدنا غالبية الناس يعانون، وكل واحد لسبب مختلف، وضروري أن ترتبط المعاناة أو بالحلم أو بالأمنية، حيث أن الأمل هو الذي يدفع الإنسان إلى الصبر والعمل حتى يأتي الخلاص ويكون الفرج وقد قال الشاعر.
أعلل النفس بالآمال أرقبها ما أضيق العيش لولا فسحة الأمل











الواقع
ربما لأنني عشت في الغربة، ورأيت واقعًا يختلف عن واقع بلدان الشرق الأوسط، أستطيع رؤية وتشخيص بعض الأمراض التي يعاني منها مجتمعنا قياسًا مع المجتمع الأوروبي الذي يعاني أيضًا، ولكن أقل، من مشكلات تختلف عن مشكلاتنا، ففي حين يعاني بعض الأوروبيين من الوحدة، فإن مجتمعنا يعاني من التصاق الناس ببعضهم، وكثيرًا ما نتذمر من التدخل في شؤون الغير وخصوصياته، ففي حين يحترم الأوروبيون عقائد الآخرين وآراهم، يعاني شرقنا الأوسط من الحروب والاعتداءات بسبب اختلاف العقائد والآراء، وفي حين تكن أوروبا قدسية لحياة الإنسان يسمح لأنفسهم زعماء الشرق بتنفيذ الإعدامات، وفي حين يتمتع غالبية الأوروبيين بحقوقهم المدنية ،هنا في الشرق الأوسط تمنح حقوق لأصحاب الامتيازات الخاصة، والأوروبي يملك حرية الاختيار أما عندنا فيملكها الحر فقط وتوجد فوارق أخرى يعلمها الذين تغربوا من إخواننا وأهلنا وختامًا فإن الأمل هو الذي يثبت الناس، ودائمًا يطمح الإنسان أن تتحسن ظروفه.










العطاء قوة
يبدو أن الناس في بلادنا، يعرفون أن العلم قوة وان المال قوة وان السلاح قوة، ولكن يصعب عليهم معرفة أن الإقناع قوة وان العدل قوة وأن التعاون على الخير قوة، ونحتاج إلى وقفة مع ذاتنا قبل أن نقف مع الآخرين حتى نعرف ما هي حاجتنا إلى السلام، ونعرف من يضايقنا كما ونعرف لماذا، وحين نجد السبب نبحث عن السبيل كي يعيش الجميع بسلام وطمأنينة. وكل واحد منا يعرف أنه يستطيع أن يعيش بحرية واحترام من غير أن يكون رئيسًا، خاصة إذا عرف أساليب التعامل السليم مع نفسه ومع الآخرين وكانت أهدافه شريفة ونبيلة ترضي المنطق السليم، ونحن في ظرفنا الراهن علينا أن نجرب قوة العطاء مثلما جربنا قوة الأخذ ،وذلك لبناء مجتمع سليم.














مجتمعاتنا والتعايش
القدرة على إقامة حياة اجتماعية والحاجة لبناء مجتمع ما من خصائص البشر وهما نتيجة حتمية لمسيرة الإنسان . وقد أكد ابن خلدون في مقدمته أن الإنسان كائن اجتماعي بطبيعته. الكل يعرف أن المجتمع الإسرائيلي تكون عام 1948 عند قيام الدولة من عدة مجتمعات وجنسيات .القادمون الجدد بالإضافة إلى العرب سكان البلاد الأصلين.
يؤكد علماء الاجتماع إن أصغر مجتمع مكون من اثنين (الزوج والزوجة) وأن أكبر مجتمع هو المجتمع الإنساني في العالم أما مجتمع الدولة فيمكن تقسيمه إلى مجتمعات ثانوية وكل مجتمع ثانوي يمكن تقسيمه إلى مجتمعات صغرى والتقسيم يجب أن يكون وفق دالة معينة، كالدين مثلاً فنقول المجتمع اليهودي والمجتمع المسيحي والمجتمع الدرزي والمجتمع غير المتدين، ولو أخذنا المجتمع فبإمكاننا تقسيمه إلى المجتمعات الصغرى الآتية، المسلمون الملتزمون والمحافظون والمسلمون المتحررون والمسلمون غير الملتزمين بالواجبات الدينية والمسلمون عند عقد القران فقط الذين يرفضون الواجبات الدينية. وهكذا نجد أن المسلمين في إسرائيل هم خمس فئات وربما اكثر تختلف إما في أزيائها وإما في سلوكها وبديهي أن هذا ينطبق على اليهود والمسيحيين، أما ما يجمع المسلمين في البلاد رغم اختلاف أفكارهم هو الانتماء لهذا البلد وأيضًا الانتماء للعروبة وللاسلام بشكل عام.
بناءً على ما ورد وبناءً على حق كل إنسان أن يعيش وفق عقيدته ومبادئه، علينا جميعًا قبول المجتمعات التي تختلف عن مجتمعنا ما داموا لا يتعرضون لنا، وعليهم أن يتركونا وشأننا ما دمنا لا نتعرض لهم وإذا كان لا بد من إقامة علاقات بين المجتمعات فعلى كل مجتمع أن يعرف ما له وما عليه وفق اتفاق بين الأطراف على الإحترام المتبادل.

























الحرية
ترتبط كلمة الحرية بكلمة العبودية إذ أن الإنسان يشعر بحريته أكثر إذا كان تحت سيطرة قوة معينة وتحرر منها، ولذلك نرى أن الإنسان الحر لا يعرف تمامًا ما هو المقصود بكلمة الحرية إلا إذا لاحظها علاماتها عند الناس الذين يفتقدونها. الحرية قيمة، بل ومن المثل العليا التي يطمح لها الإنسان وعندما تسيطر قوة معينة على الإنسان فإنها تقيده وتمنعه وتجبره على القيام بأعمال لا يريد أن يقوم بها فيكون الإنسان عبدًا لهذه القوة.
المجتمع له قوانينه ونحن بأغلبيتنا نحترم هذه القوانين ولكن ما العيب أن نكون خاضعين لقوانين المجتمع إذا كانت هذه القوانين فيها ما يوفر سلامة المجتمع وسلامة الإنسان داخله، أيضًا نجد قوانينًا في البيت وفي المدرسة وفي الدولة عامة. هذه القوانين كلها إذا كانت منطقية وتؤدي إلى حفظ النظام في المؤسسات والتجمعات وتحمي حقوق المواطن من شانها حين نلتزم بها أن تكون منا وإلينا ولا أظنها قادرة أن تستعبد إنسانًا عاقلاً وواقعيًا ومنطقيًا بل إنها تقف حاجزًا قويًا أمام الذين يتعدون على الآخرين ولا يحترمون غيرهم. هل المرأة عندما تطالب بحريتها تريد أن تلغي قوانين المجتمع وقوانين الدين؟ هل يطالب الشباب أيضًا بإلغائها؟ هذا عبث لأننا جميعًا باستطاعتنا أن نعيش أحرارًا في ظل قوانين المجتمع والدين وحتى السلطة، لأن الحرية هي بالنهاية مسألة عقلية إذ أن الإنسان حين يفهم القوانين ويعرف لماذا سُنت هذه القوانين ، فإنه بالتأكيد سيلتزم بها ويشعر في كامل حريته في نطاقها.



الإشاعة
المجتمع العربي هو مجتمع متقارب ومتماسك وذلك لأنه يخضع للعادات والتقاليد التي تجعله كذلك وتنتشر الإشاعة فيه بسرعة لأنه كذلك وليس لأنه مختلف فالقربى والجيرة عادات نفتخر بها إلا أنها أحد أسباب سرعة انتشار الإشاعة.
مجتمعنا لا يسمح بالشذوذ فما أن يشذ المرء حتى يعرف الناس في البلد عن الشاذ. بعض الأخبار إن كانت صادقة فهي مفيدة،أما اذا كانت كاذبة فهي اشاعات. لكن يوجد بيننا أناس مغرضون بمعنى يريدون المس بفلان فيقولون عنه انه أعلن إفلاسه ويتناقل البسطاء هذه الإشاعة رغم أنها قد تكون كاذبة وملفقة تجاه هذا الإنسان، وكثيرًا ما يصنع المغرضون والملفقون إشاعات ضد أناس هم أبرياء وذلك لأهدافهم الشخصية التي عادة تنبع من حقد وغيرة، هدفهم بذلك تحطيم شخص معين . وكل هذه الإشاعات صعب أن تنتشر في المجتمعات الراقية إلا أنها للأسف تلقى آذانًا صاغية عندنا، فإلى متى؟











التعامل مع الشعب الآخر
إن المعنى البسيط لكلمة السياسة هو كيفية التعامل مع الأمور سواء كانت إقليمية على مستوى دول وحتى بين أفراد اجتماعياً أو اقتصادياً، وعلينا جميعًا أن نعرف كيف نتصرف إزاء المشاكل بسياسة حكيمة نخرج منها ظافرين، أود الإشارة أن الاسرائيليين اليهود يجيدون اللعبة السياسية ونحن قلما نجيدها، إذ أنهم عادة يفرقون بين عربي وعربي آخر. بينما نحن غالبًا لا نفرق بين يهودي جيد ويهودي سيء ونحن هنا عرب هذه البلاد أمامنا تحديات ومسؤوليات علينا أن لا ننساها، نحن نتذمر من العنصرية ولذلك يجب أن لا نكون عنصريين، فننظر لغير العربي ونعامله كانسان حسب سلوكياته وان ننسى دينه وقوميته، ونحن نطالب بالمساواة علينا أن نعرف أن هذا الأمر ليس سهلاً وعلينا أن نثبت بتصرفاتنا وتعاملنا وأقوالنا أننا ممتازون ولا ننتظر الاعتراف بوجودنا من احد، بل علينا نحن مهمة إثبات وجودنا وحسن أخلاقنا. إن الأوضاع السياسية الحالية تدل أن المستقبل هو للتعايش العربي اليهودي وأي فرد من الشعبين لا يستطيع التعايش مع الشعب الآخر ستكون حياته صعبة في هذه البلاد، في الأيام القادمة. والذكي يعرف أن هذا التعايش هو لصالح الجميع والسياسة ليست للسياسيين فقط.









الاحترام
الإنسان الطبيعي يطمح أن يكون محترمًا أو أن يزيد من احترام الناس له فينجح قسم في هذه المهمة بينما يفشل القسم الآخر، فلنيل الاحترام أسباب ولفقدان الاحترام أسباب أخرى. عادةً، عندما نصادف إنسانًا لا نعرفه فإننا على التو، نعطيه احترامًا حسب مظهره الخارجي وملامح وجهه وعندما نتكلم معه فإما أن يزيد احترامنا له وإما أن ينقص وذلك حسب لغته وأسلوب حديثه وما نستطيع فهمه من كلامه إن كان مثقفًا أو سياسيًا أو ذا مركز اجتماعي أو اقتصادي أو إننا نفهم من حديثه أن مستواه العقلي أو الاجتماعي أو الاقتصادي منخفض. يفهم مما سلف أن الاحترام هو شيء يستحقه الإنسان وهو يحصل عليه من الغير دون أن يطالبهم به، فعادةً نحترم ويزيد احترامنا للشخص عندما يكون قد استحق ذلك عبر تقدم في حياته. وحتى إنني اعتقد بل وأرى أنه في واقعنا يحترم الأبناء آباءهم في مقادير مختلفة بين ابن لآخر وبين أب لآخر، والسبب الوحيد لذلك هو أن الاحترام يبديه الابن تجاه أبيه وفقًا لعطاء الأب وتقدمه ونجاحه ومركزه بين الناس، وهكذا لنفس الأسباب يحترم الأب ابنه. وفي موضوع الاحترام وعدمه يستطيع المرء ملاحظة ما يلي:
1- نادرًا ما نجد إنسانًا لا يحترمه احد وإذا وجدناه نجد أنه يصعب عليه احترام الآخرين، 2- الإنسان الذي يحصل على منصب بغير كفاءة عادة يحاول تحجيم وتقليل قيمة واحترام الآخرين، 3-بالقوة لا يستطيع الإنسان أن يحصل على احترام من الآخرين ، 4- الاحترام هو واجب شخصي، يتأتى من قناعة ذاتية بضرورة منحه للآخرين.




التفكير الجديد
تفتح الشعوب العربية في أيامنا هذه صفحة جديدة من كتاب الحياة، تجد فيه ما يسرها وما يقلقها وما يقض راحتها. في الصفحة الجديدة نجد عالمًا منفتحًا ومتحررًا لا نعرف كيف نتصرف به، حيث يناقض مفاهيمنا وتقاليدنا العربية والإسلامية، ونجد ديمقراطية تعبث بأقوال شيخ القبيلة وزعيم العائلة بحيث يحق لكل شخص أن يعبر عن رأيه كيفما شاء، كيف لا وإن الوضع الاقتصادي الجديد يسمح لصاحب المال أن يتحدى المختار والزعيم والشيخ، ويقوم المثقف بإعلاء صوته كلما وجد متنفسًا وينتقد الآراء القديمة التي لا تساير العصر. وفي هذه الصفحة نجد إن الوسائل والأساليب التي كان يستعملها أجدادنا غير موجودة واستبدلت بالتلفون والفاكس والحاسوب والانترنيت وغيرها الكثير من الوسائل التكنولوجية الحديثة التي جاءت لخدمتنا وتجعل منا أناسًا مختلفين. في هذه الصفحة نجد أن الاستعمار الغربي قد ولى وترك لنا رجاله يحكمون في شرق أوسطنا وشمال أفريقيا كما لو كانوا مستقلين بقراراتهم ونكتشف من هذه الصفحة إننا نعيش في مقاطعات أوروبية أو أمريكية والحال على التمام. وبعد هذا والذي نكتشف إن العرب قد طووا صفحة تاريخ قديمة وفتحوا صفحة جديدة، أصبح العدو فيها صديقًا وأصبح الصديق فيها أخًا، ولم يبق لنا إلا نفكر تفكيرًا جديدًا يتناسب مع هذه الظروف الجديدة.






التسامح
من آفات مجتمعنا العربي انه قليل التسامح سريع الغضب وردود فعلنا تكاد تكون على التو. يحدث في كل مجتمع أن يحصل سوء تفاهم أو إساءة أو تعد من إنسان على الآخر ولكن رد الفعل يختلف من مجتمع لآخر. ففي حين يكون رد الفعل الأوروبي بكلمة عتاب أو بطلب السماح وتنتهي المشكلة، فإن رد الفعل بالمجتمعات المتخلفة هو الضرب واستعراض العضلات وتجميع الناس حولهم وعلى من؟
"على بعض شاطرين" ولهذا تحدث شجارات في مجتمعنا، منها بسبب خلاف بين الأولاد ومنها بسبب إغلاق الطريق بواسطة سيارة، ومنها الكثير الكثير من السباب التافهة.
وفي نهاية الكلمة، نحن مطالبون بان يتحمل الواحد منا الأخر وان يعاتب وان يناقش... وعلينا بالتسامح فالضرب لغة لا تفهمها سوى الحيوانات.













النقاش
عرفت في الإسلام الشورى. والشورى هي بمثابة عرض وبحث الموضوع بين من يهمهم الأمر، وكانت الشورى وصية رحمانية أوصى بها الخالق سبحانه وتعالى بني البشر كي لا يستبد أحد برأيه، والنقاش هو الآخر عرض وبحث موضوع معين وتناول جوانبه وأسبابه وعوارضه ونتائجه ومن المفروض في نهاية النقاش استخلاص العبر وبناء الموقف من الموضوع واتخاذ الإجراءات اللازمة لحسمه.
وحتى يكون النقاش بناء على المتناقشين أن يدلوا بآرائهم ، وان يصغي الجميع لكل متكلم وأن تتاح الفرصة لكل مناقش أن يعبر عن رأيه وأن لا يقاطع الواحد الآخر أثناء تكلمه ، وغالبًا ما نلاحظ أن اجتماعاتنا ليست سوى جدالات غالبًا ما تكون سفسطائية –لا نهاية لها ولا جدوى منها- كطحن الماء وعادةً ما تكون تهجمية إذ أنها تتسم باستعراض العضلات والحط من قيمة الآخر. أما النقاش فهو أن يتعرض المتكلمون فيه للموضوع الذي يناقشونه وهو يتقبل الموافقة أو الرفض أو الاختصار أو الإضافة من الآخرين.
أرى أن مجتمعنا العربي لا يجيد الشورى أو النقاش وإنما يجيد الجدل فقط.
إن للنقاش قوانينه ومتطلباته وعلى المناقشين أن يكونوا على مستوى معين من المعرفة وفهم الموضوع والإلمام به وإلا فإن النقاش سيكون محاضرة يتكلم فيها المسئول فقط وما على الآخرين إلا أن ينصتوا أو يتكلموا بمداخلات قصيرة فقط، وللأسف قد يكون هذا المسئول رئيسًا لمجلس إحدى القرى .، من الضروري ان بناقش موضوعاً معيناً اشخاص لهم خبرة في الموضوع. فشتان بين أن يناقش موضوع سلامة البيئة في القرية أطباء وبين أن يناقشه أصحاب ورشات العمل.
قرانا العربية تحتاج إلى كثير من التطوير الإنساني والتطوير الفني والتقني وهي بحاجة إلى أناس مختصون يفهمون بالأعمال التي يقوم بها المجلس المحلي وليس إلا زعماء قبيلة، لأن الزعيم العملي والعلمي الحقيقي الذي تحتاجه قرانا، هو الزعيم الذي يستطيع المناقشة البناءة التي من شانها تطوير القرية لما هو أفضل.




















المجتمع الحضاري
شعبنا العربي الفلسطيني وهو على أعتاب الاستقلال والسيادة الوطنية بحاجة ماسة لأن يكون مجتمعًا حضاريًا خاصة لأنه يواجه التحديات على جميع الأصعدة.
فعلى الصعيد الديمقراطي هناك حاجة لأن يحترم الواحد رأي الآخر المختلف وأن يعيش ويتصرف بصورة ديمقراطية بحيث يمارس الفرد جميع حرياته دون المس بالأخر -تنتهي حريته عندما تبدأ حرية الآخرين-، ولا تكون سلطة لأحد على الآخر بل تبقى سلطة الدولة الممثلة بسلطة القانون هي الفاصل.
وعلى الصعيد الاجتماعي على الجميع احترام الآخرين، بحيث لا يعتبر أي شخص نفسه أهم أو أفضل من الآخرين بل يجب عليه أن يكون متساويًا حتى لا يكون هناك أي شعور بالغبن أو التميز بين أفراد الشعب، وما يحق للواحد يحق للآخر.
أما على الصعيد الاقتصادي فيجب العمل قدر المستطاع لبناء الاقتصاد الفلسطيني المعتمد على نفسه أولاً، زراعيًا وصناعيًا ومهنيًا، من اجل النهوض به إلى الاستقلالية.
وعلى الصعيد السياسي فالشعب الفلسطيني بحاجة إلى راحة واستقرار في المرحلة الراهنة حتى يتمكن من تحقيق مطالبه وعلى رأسها إطلاق سراح المعتقلين.
والحصول على المساعدات من الدول الداعمة وذلك لأن التوتر السياسي من شأنه هدم الإنجاز السياسي وهدم حلم الاستقلال التام.
وعلى شعبنا الفلسطيني ان يكون براغماتياً وعملياً بحيث يحسب نتيجة خطواته قبل ان يخطوها. ومن الخطأ تكبد فقدان ستمائة شهيد لأجل اختطاف جندي. أو تكبد الضربات المؤلمة نتيجة اطلاق صواريخ تحدث ضجة فقط.

الجمال
من الصعب أن يتفق الناس كلهم على الشهادة بان وردة ألجوري الحمراء الجميلة هي الأجمل بين الزهور.حيث من الممكن أن يرى البعض أن الوردة الزهرية أجمل ويرى آخرون أن القرنفلة أجمل وهكذا فإن الجمال ومداه يقررها الإنسان بذوقه الخاص وحسب معلوماته المسبقة التي توجهه في تقييم الجمال . لأن الذي يراه الإنسان جميلاً، قد يراه إنسان آخر قبيحًا، أو أقل جمالاً. هذا بالنسبة لجمال الطبيعة أما بالنسبة لجمال الإنسان فإن الأمر مشابه، ورغم أنه يحق لكل إنسان أن يقرر بنفسه إلا أنه يخطئ إذ ظن أن اختياره هو الأصح . فلكل انسان ذوقه الخاص . الإنسان عدا عن لون البشرة والطول والعرض وباقي المقاييس الجسمية يملك روحًا ونفسًا وعقلاً تؤثر علينا في الإعجاب به أو عدم الإعجاب، وبرأيي أن جمال الإنسان ليس بشكله وإنما بروحه ونفسه وعقله وصفاته التي تميز إنسانيته، ثم فإن المقاييس الشكلية لجمال الإنسان هي مقاييس تختلف من مكان إلى مكان آخر ومن زمان إلى زمان آخر ومن مجتمع لأخر وهي غير دقيقة أو مطلقة.للتذكير كانت العرب في السابق ترى الجمال في الصبايا السمينات.









الأديب والحياة

إن الحياة بتلونها واختلاف مذاقاتها تخلق وتنمي شتى المشاعر والأحاسيس عند بني البشر .والإنسان الذي يحظى بالأحاسيس ويستطيع ترجمتها إلى نص كتابي وترجمة الانفعال إلى تعبير كتابي هو الكاتب.
يعتقد كثير من الأدباء بتميزهم عن سائر البشر بأنهم يدركون أكثر ألوان الحياة ويرونها أكثر من غيرهم. ولكي نعرف العلاقة بين الأديب والحياة يتحتم علينا الرجوع إلى أول عمل أدبي وعندها سنجد الحياة سبقت الأديب والأدب سبق الكتابة وسنعرف أن الأديب هو الإنسان الذي كان وما زال يبحث عن أسرار الحياة متأملاً في الطبيعة وبسلوكيات وأخلاقيات الناس ونرى أن للأدب مسيرة طويلة عبر الحياة يحاول فيها الأدباء الكشف عن مشاعر الفرح والآلم والأسى ونرى أن الأدب الجيد لا يموت عبر الزمن إذ أنه يعبر عن آمال وطموحات الإنسان من اجل المعرفة والعيش بأمان.
لم يكن الإنسان في العصور السابقة مرتاحًا وهادئ البال إلى أن تطور عقله وتحسنت أدواته. في العصر العباسي يأتي الجاحظ ليبين ويحلل سلوكيات الناس وارتباطهم بالطبيعة حولهم إذ يصف الإنسان بالعالم الصغير، واليوم وبعد ظهور علم النفس نجد أن الإنسان أصبح معروفًا أكثر من الناحية الجسمية ومن الناحية النفسية، وفي الناحية النفسية يستطيع العارفون أن يفسروا كل إحساس ويعللوا كل رد فعل وصار الأدب الحقيقي في يومنا هذا يعتمد على ثقافة كلما زادت كان أفضل، وحين تأتي بالجديد تأتي بالابداع الأدبي. الأديب إنسان يعاني من الحياة ويترجم معاناته في أدبه ولكن هذا لا يعني إطلاقًا أن غير الأدباء لا يعانون، بل على العكس يرتاح الأدباء حين يكتبون ويرتاحون أكثر حين يذكرهم ويعترف بهم مجتمعهم، فطموح الأديب الحقيقي أن يتغذى من الثقافة كي يكون قائدًا فكريًا لمجتمعه يقوده للراحة والطمأنينة،فقديماً كان الأمراء يتعلمون لدى الأدباء، فالأدب من شأنه ان يعلمنا مكارم الاخلاق. ولا اعتقد بان المجتمع يرفع من قيمة الأديب إلا إذا ارتفع مستواه وتفوق عمله وسهل هضم إبداعه.























الصحافة والقراء
الصحافة هي المرآة التي تعكس بصدق فكر المجتمع وسلوكياته، يستطيع خبراء النفس أن يفهموا نفسية المجتمع من خلال صحافة المجتمع، والذي فهمته من الصحافة والقراء بأننا موجودون في حالة من الانتقال بل الصحوة، . وقد رأيت أن مجتمعنا في حال انتقال من القول إلى العمل ولذلك فإن القراء قلة والكتاب قلة أيضًا فكثير مما نقرأه نجده إجترارًا وإعادةً لأفكار نعرفها ونحفظها عن ظهر قلب، وحسب إحصائي الخاص وجدت أن القراء يقرأون الأخبار المحلية والأخبار الرياضية ونادرًا ما نجد قارئ القصة وقارئ القصيدة وقارئ التعليق السياسي وقارئ المقال الاجتماعي، كأننا جميعًا مثقفون ولسنا بحاجة إلى من يثقفنا ولسنا بحاجة إلى الثقافة الزائدة. وما نريد هو المال الكثير بالجهد القليل ونريد أن نشبع من كل شيء نحبه، ولكن معظم الذي يجيدون القراءة ينسون بأن الثقافة والقراءة تعطي القارئ اطلاعاً اوسع في أمور الحياة وتبني له شخصية قوية تمكنه من النجاح في حياته. وبعض الكتّاب ينسون القارئ الذي يكتبون له فلا يعرفون مستواه الذي كثيرًا ما يفوق مستوى الكاتب نفسه، فلماذا إذًا تبيع الصحف كلامًا غير مفيد أو غير جديد ولماذا ذلك الكاتب ينشر ما يكتبه؟المطلوب من الكاتب رؤى جديدة لتغيير الواقع الذي نعيشه وإبداع يفتح المجال لنا بأن نفكر ونجدّد ونتجدد والمطلوب أيضًا قراء جديون يناقشون الكاتب.





التواضع والتكبر
تقترن كلمة التواضع بكلمة التكبر التي تعتبر نقيضة لها، ولكن كليهما (التواضع والتكبر) كلمتان يستعملها الناس العامة ويوجهونها تجاه الناس الخاصة من الأغنياء والمتعلمين. في الحقيقة يصعب علينا تحديد من هو المتكبر ومن هو المتواضع ولكننا إذا دققنا في الموضوع نجد أن المتواضع هو الإنسان الذي يعرف قدر نفسه فيقف عندها أي بمعنى أنه يعرف ذاته جيدًا يعرف من أطول منه ومن أقصر منه ويعرف من أعرف منه ومن أجهل منه ويعرف من هو أنشط منه ومن اكسل منه، ويعرف من أحسن منه تصرفًا ومن أسوأ منه فيتعامل هذا المتواضع (الذي يعرف وضعه) مع الناس بليونة وسهولة فيكاد لا يختلف مع احد ويكون عادةً موفقًا في حياته. أما المتكبر فيبدو انه ذلك الإنسان الذي يعطي لنفسه قيمة أكثر مما تستحق فينتقده أفراد المجتمع . وثمة صفة أخرى تستحق الاهتمام هي أن لا يعرف الانسان قيمته الحقيقية، حيث يكون الإنسان حاسًا بنقص تجاه الآخرين أو يعتقد أنه أقل منهم قيمة أو انه يقلل من قيمته معتقدًا بأنه يتواضع، وبرأيي أن شخصاً كهذا يحتاج إلى من يفيقه من سباته. وفي النهاية أعتقد أن الإنسان عندما يعطي لذاته ما تستحق ويعرف قيمة نفسه في محيطه، يستطيع أن يتقدم في حياته وينجح.








الواقع والخيال
يكون الإنسان واقعيًا ما لم يتلق صدمة مفرحة أو محزنة، يكون واقعيًا بحيث ينظر إلى الأشياء فيرى حجمها الطبيعي وقيمتها الصحيحة ويرى المشاكل أيضًا دون تهويل ودون تنقيص، الإنسان الواقعي يتعامل مع الناس ويعيش حياة اشتراكية في المجتمع الذي يعيش فيه ،يرى بيئته كما هي وكما يتفق الجميع عليها منطقيًا ويرى نفسه فيثمنها حسب كفاءته ،ويعمل دائمًا من أجل التجديد وإصلاح السيئ، ولا يلقى الواقعي في حياته مفاجآت تربكه ويكون عادة ناجحًا في حياته. عكس الإنسان الواقعي هو الإنسان الخيالي. لا شك أننا نعيش في عصر السرعة وعصر التكنولوجيا الامر الذي سبب لدى الانسان الذي يعاني من عجز خيالاً لأنه لم يتابع العلوم والتقدم. والصدمات تؤثر في الإنسان فيدخل ويسرح في عالم آخر وظروف أخرى، وهذا الخيال نفسه هو الذي جعل دون كيشوت يظن أن الطواحين الهوائية عدوة له فحاربها، ما أكثر الدون كيشوتيون في مجتمعنا العربي الذين يفهمون كما يريدون لا كما يُفهم ويعملون ما يريدون لا كما يجب .










المصلحة الشخصية
لم أعارض ولن أعارض بأن يكون لكل إنسان مصلحته الشخصية ولكنني أنددّ بالإنسان الذي يرى مصلحته فوق المصلحة العامة، وكم هو جدير بنا أن نتقدم ونشبع رغبتنا الشخصية دون التعرض للمصلحة العامة فحياتنا في هذا المجتمع الرأسمالي هي حياة سباق وبيروقراطيا. فمن يريد أن يتقدم عليه بالبحث والعمل لأن تاريخ البشرية (الانتروبولوجيا) يستدل منه أن حياة الإنسان هي بحث وعمل وتقدم. فعلينا أن لا نفقد الأمل أبدًا في التقدم كما وعلينا أن لا نتخلى أبدًأ عن أخلاقنا الأصيلة للحصول على التقدم، والمطلوب منا هو تقدم شريف ووسائل شريفة وليس "الغاية تبرر الوسيلة" والمطلوب منا أيضًا أن يأكل كل منا لقمته التي يستحقها.وأن نعطي للآخرين مما يتوفر لدينا.
















الفساد
يكثر الفساد في المجتمعات البدائية دون غيرها لأن المجتمع البدائي أفراده ضعفاء ويتعلق الفرد بالآخر، حتى أن التربية في المجتمعات البدائية هي تربية مبنية على المقارنة فالواحد في مجتمعنا لا يسأل نفسه عن حاجته الحقيقية ونراه يفعل ما فعله أخوه أو جاره أو صديقه وهكذا كانت الزعامة السياسية في مجتمعنا مبنية هي أيضًا على المقارنة وليس عن الاستحقاق فهذا يريد أن يتزعم لأن فلانًا تزعم ويعتقد أن فلانًا لا يفهم أكثر منه ولا يملك مالاً أكثر منه والنتيجة أننا نحصل على تسيب وهذا التسيب يؤدي إلى تزعيم من لا يستطيعون فهم الجملة المحكية وتزعيم أصحاب رؤوس الموال الذين لا يعرفون فك الحروف أو جمع أرقام بسيطة وهذا التسيب يؤدي إلى إعلاء كلمات الناس الذين لا يعرفون إلا مصلحتهم الشخصية الآنية وهؤلاء الناس يقودون الناس البسطاء إلى الفساد الاجتماعي والسياسي. وترى الناس في بلدي يتخاصمون ولا يعرفون لماذا ويعرفون فقط أن زعيمهم الذي يريد تصفية حساباته الشخصية هو الذي قادهم إلى اتخاذ المواقف. علينا جميعًا أن نتقدم في الحياة دون المس بغيرنا وإذا حصل إن تفوق احدنا فعلينا أن لا نعمل على عرقلته، لا نهاجمه ولا نصادقه بسبب تقدمه بل بسبب سلوكه وحبذا لو يجيد الواحد منا تدبير شؤونه الخاصة.





الصداقة
تمر على الإنسان في سنين عمره أحداث مؤثرة سلبًا وإيجابًا تترك بصماتها على شخصيته، هكذا نصت نظرية التطوير النفسي لفرويد، وإذا أراد الإنسان أن يصلح سلوكًا شاذًا عنده فما عليه إلا أن يسأل نفسه لماذا أنا هكذا؟ فعندها سيعرف السبب (حساب النفس) وإذا عرف السبب يمكنه الاستخلاص أن السبب كاف أو غير كاف لسلوكه حين يطلع صديقه أو قريبه عليه.
الإنسان عندما يمر بتجربة حياتية مؤثرة سواء كانت محزنة أو مفرحة أو مقلقة، هو بحاجة إلى إنسان آخر يقف معه في إحساسه وهذا الإنسان يجب أن يكون صديقًا يحمل معنى الصدق والإخلاص وهذا الصديق قد يكون الأب أو الأخ أو احد أفراد العائلة أو قريبًا وقد يكون زميلاً ،المهم هو أن يكون صادقًا ومخلصًا. وعندما يجد الإنسان صديقًا أو أكثر يشاركهم همومه وأفراحه فإنه سيكون أقوى معنويًا ونفسيًا ويستطيع أن يتقدم في حياته بخطى ثابتة ومتينة، فالصداقة هي شد الأزر والتشجيع وهي أيضًا التحذير والتنبيه وحتى المنع، والصداقة هي أيضًا اخذ وعطاء يحتاج إليه جميع بني البشر.










الكلام
نحن العرب كباقي شعوب الأرض رزقنا بلغة، لا يهمني هنا أصل لغتنا وكيفية تطورها، إنما الذي يهمني هو هذا الإبداع وهذا الاختراع الذي يساعدنا في التفاهم والوصول إلى هدفنا، نعم اللغة التي نتكلمها والكلام الذي نخرجه من أفواهنا هو وسيلة ونعمة يعرفها الجميع، هذه الوسيلة التي تجعل مرشحينا للانتخابات يعبرون من خلالها صدقُا وكذبًا حتى ينالوا تأييدنا هي نفس الوسيلة التي يستخدمها المحامي ليبرئ متهمًا بريئًا أو مجرمًا. وهي ليست موضوعًا سهلاً للتناول لأن اللغة أو الكلام قابل للتأويل وقابل للتصديق والتكذيب وذلك حسب ثقتنا ومعلوماتنا السابقة، . وللكلام أهداف قد تكون تثقيفية مثلما قد تكون للتمويه وهناك أهداف أخرى للإقناع وأخرى للمدح والذم وأخرى للسؤال والطلب وأخرى للشرح والتفسير وأخرى للتسلية وغيرها من الأهداف. إن الذي يزعجني ويزعج الكثيرين أن فئة كبيرة من الناس ليس لديهم أدنى شك في أقوال زعيمهم .وليسوا مستعدين لردعه او تنبيهه لخطأ قد يقع به فمن واجبنا ادراك ما يقال وليس مهمًا من هو الذي يقول.










النرجسية
تروي الأسطورة اليونانية القديمة قصة نرسيس الشاب الوسيم الذي رأى صورته في النبع فأحبها وغرق لأجل صورته وحبه لذاته، ووجدوا مكانه في النبع زهرة النرجس، ومن هنا يطلق مصطلح النرجسية على الناس الذين يقتلهم حب الذات. النرجسية ذاتها هي التي تدفع كثيرًا من الناس إلى الطموح بالمناصب من غير جدارة... وإلا فلماذا يترشح لكرسي رئاسة مجلس من هو غير كفؤ لهذا المنصب؟ ولماذا نرى من لا يستحق أن يكون معلمًا يصبح مفتشًا ومن لا يستحق أن يكون موظفًا يصبح مديرًا؟
في الحقيقة مطلوب منا نرجسية واقعية لا تؤدي بنا إلى الهلاك. فكل واحد منا يحب نفسه. وهذا حق. ولكن علينا أن نتقدم في حياتنا حسب كفاءاتنا وليس حسب محسوبياتنا، وحسب قدراتنا وليس حسب أموالنا، وحسب استحقاقنا وليس حسب ديوننا. وحري بنا أن نترك الذين يعملون بإخلاص أن يستمروا في عملهم ونبعد الذين يعبئون الكراسي دون القيام بأي عمل يذكر، ولو سأل كل واحد منا أين أنا من النرجسية، مع الأخذ بعين الاعتبار كفاءات الغير، لأصبحنا واقعيين أكثر، وصادقين مع انفسنا ومع غيرنا.










القوة
القوة هي التي مكنت بني البشر من التقدم، وبدونها لن يكون بإمكان إنسان أن يتقدم. القوة هذه ليست وزن ضربة قبضة اليد وليست صلابة العضلات والعظام وليست ضخامة الجسم، فرغم أن ما ذكرت هو قوة إلا أن القوة التي تساعد الإنسان على التقدم هي قوة العقل أولاً وقوة المال ثانيًا وقوة العمل ثالثًا وبالنسبة للدول قوة السلاح والقوة التكنولوجية الاقتصادية.
عندما يكون الإنسان عاقلاً فقد ملك القوة، إذ أن العقل يستطيع أن يريح صاحبه إذا حدد نواقصه وفكر في كيفية التخلص منها وحدد أهدافه وفكر في كيفية تحقيقها، فقوة العقل هذه باستطاعتها أن تساعد صاحبها أن يملك أي قوة أخرى، ولكن الإنسان وكل إنسان عندما يولد ويكبر يخضع لظروفه الخاصة التي تختلف من إنسان لآخر.وعلينا ان نأخذ بعين الاعتبار ظروفنا الحالية وننطلق منها الى التقدم.











ما قيمة الأدب
الأدب ليس فلسفة تبحث عن كنه الكلمات والمصطلحات وليس علمًا يفسرها، انه الكلام الفضي الذي يعطي للإنسان القارئ فلسفة يعيش منها وهو الكلام السحري الذي يوجه الإنسان نحو العلوم والمعرفة.
ما أوردته من كلام عن الأدب ليس تفسيراً بقدر ما هو تقدير لفعل الأدب.
الأدب من شعر ونثر يعالج قضايا إنسانية قد تكون اجتماعية وقد تكون سياسية أو اقتصادية وفي الشعر خاصة نلاحظ الإحساس والوجدان عند الشاعر الذي غالبًا ما يتطابق مع إحساس قارئ وهكذا يكون التعبير في أرقى مستوياته عندما يتبادل الشاعر إحساسه مع الآخرين، وهو كفنان مطبوع يشكل جزءًا لا يتجزأ من الطبيعة حوله فنراه أحيانًا يصف إحساس غيره في داخل قصيدته، وكذلك القاص الذي يكتب عن حياة الناس ويُغني القارئ بتفاصيل الاحداث يفتح آفاقاً امام القارئ.
الأدب سواء كان فنًا من اجل الفن أو فنًا من اجل هدف إنساني فإنه يضفي للقارئ تمييزًا في الإحساس بين الجميل والقبيح.









النفاق
من المجاملات ما نتقبلها برحابة صدر ورضا حيث إننا نتوقعها وننتظرها مثل التهنئة أو التعزية أو التحية ومنها ما قد تجعلنا نتضايق أو تصيبنا بالغرور كالمديح وتقديم الهدايا. الإنسان بحاجة دائمًا، أراد ذلك أم رفض إلى أناس يشاركونه إحساسه وبرأيي أن المشاركة وحدها مجاملة والكلمات المناسبة التي نقولها تضيف إلى المجاملة إيقاعًا ايجابيًا إذا قيلت بنبرة صوت مناسبة وكلمات معبرة عن إحساس قائلها. وإذا قلنا للظالم بأنه ذو قلب كبير فإننا نكون كاذبين ومتملقين، وكثيرًا ما تجد من الناس من يقول لك احبك في حين انه لا يقدر أن يتصورك ويقول هذا لأن مصلحته تتطلب منه ذلك، وهذا الأمر هو النفاق بذاته، لو نزعنا جرثومة الخوف وبكتيريا المصلحة الشخصية وقلنا للكاذب إذا تأكدنا من كذبه أنه كاذب وللسارق أنه سارق وللعاهر أنه عاهر.......، ووصفنا كل واحد بوصفته الحقيقية الصادقة، لكان بإمكاننا أن نكون مجتمعًا سليمًا معافيًا، وعندئذ لن نجد بيننا من يجرؤ على الخطأ.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق